حملة سامي باشا الفاروقي والانتقام من الجبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخوتي أخواتي أحببت أن أورد لكم هذه المعلومات من مذكرات المغفور له القائد العام سلطان باشا الأطرش
حرفيا عن لسانه رحمه الله
نضراً لأهمية الموضوع أحببت أن اكتبه كاملاً
على شكل عدة أجزاء
نضراً لطوله ولكي تكون قراءته غير مملة
قال القائد العام للثورة:
لست اشك بان لجوء سلطان الرشيد الى الجبل1906 والاحتفاء به في مختلف قرى الشمال والوسط والجنوب ،وخروج البيارق لحمايته السير في موكبه ،تحت سمع ممثلي السلطة التركية وبصرهم قد أثار غضب ولاة الأمر في دمشق الأستانة ،ثم جاءت حادثة غزو المعجل في ضمير،
فزادت من حقد الأتراك وأعوانهم وتربصهم بنا جعلتهم يحسبون لتلك المظاهر المسلحة ألف حساب لما قد تثير من حماسة أحرار العرب في الأقطار المجاورة ، وتساعد على تقوية حركتهم الوطنية الناشئة وقتذاك.
لذلك لجؤوا إلى أسلوبهم التقليدي المعروف وإثارة الأحقاد الدينية في منطقتنا ، واستغلال الحوادث العادية التي كانت تقع بيننا وبين جيراننا الحوارنة، لتبرير الحملات العسكرية الكبيرة التي كانوا يجردونها علينا بقصد إخضاعنا لانظمتهم الفاسدة وقوانينهم الجائرة في غفلة عن ضمائر إخواننا العرب في كل مكان.
لقد كانوا يروجون ، في أوساط مواطنينا دعاياتهم الكاذبة المغرضة ويستفزوهم ضدنا بالتهم الباطلة التي كانوا يوجهونها
إلينا كالكفر والإلحاد والزندقة والتمّرد على الخلافة، وذلك بواسطة الفتاوى الصادرة عن بعض المشايخ المأجورين
في الحواضر الكبرى ،التي تبيح لهم قتلنا وتدمير قرانا وحرق بيوتنا ونهب أرزاقنا ومواشينا ،فذلك ما حصل بالفعل
أثناء حملات عديدة جُردت علينا وعلى أبناء طائفتنا بلبنان في أزمنة سابقة وآخرها حملة سامي باشا الفارقي التي عاصرت حوادثها وعشت بعض وقائعها.
قال المرحوم سلطان باشا الاطرش:
فمن الأسباب التي تذرعت بها السلطة العثمانية في إعداد هذه الحملة وإرسالها إلى الجبل ،
هو أن خلافا قد حصل بين أهالي بصرى الشام الحوارنة وأهالي )القريا ( بني معروف
،أدى إلى اشتباك قُتل فيه بعض الأفراد من الطرفين ثم اتسع نطاق الخلاف ،فشمل قرى أخرى من حوران والجبل ،سقط على أثره عدد كبير من القتلى كان في عدادهم )هلال الأطرش ،شيخ قرية رساس ( ومنصور المقداد من شيوخ بصرى اسكي الشام المذكورة.
وعلى إثر هذه الحادثة اخذ الحوارنة يعتدون
على قوافل الجبل الذاهبة إلى دمشق وبعض قرى حوران لبيع المحاصيل وشراء الحاجيات
فقتل أهالي بصرى ثلاثة رجال من )الثعلة(
كما قتل أهالي )غصم ( )معربة(
) قاسم الجرمقاني(ورفيقين له من)صلخد( كانوا ذاهبين الى )خربة غزالة(إحدى محطات سكة حديد دمشق لينقلوا على جمالهم مواد بناء مؤلفة من خشب وحديد وقرميد ،فأثارت هذه الحوادث الاستفزازية المتكررة خالي )سليم الأطرش( شيخ )الغارية( ،وجعلته يسير على رأس قوة من فرسان الجبل ، دخل بهم قرى :بصرى و غصم ومعربة في 29 تموز 1910 ،وقتل عدداُ من رجالها ،أما عمي يحيى الأطرش الذي آلت إليه زعامة الجبل بعد وفاة أخيه شبلي عام1904 فقد رأى أن يدعو إلى اجتماع عام يُعقد في بلدته )عرى( للتداول في الخلاف بين الجبل و حوران ، ووضع خطة لإزالة أسبابه حسب العادات العشائرية المعمول بها.
غير أن السلطة العثمانية أبت إلا أن تستغل هذه الحوادث التي كان حلها ممكناُ فاتخذتها ذريعة _كما أسلفت _ لإرسال الحملة المذكورة على الجبل وكانت تتألف من نحو ثلاثين ألف جندي ، مقرها بلدة درعا بقصد إنزال ضربة قاصمة ببني معروف الذين أصبح جبلهم ، منذ مطلع هذا القرن حمىّ منيعاً يلجأ إليه أحرار العرب من كل حدب وصوب.
وهنا لابد لي أن أذكر أن الترك ، في تلك الفترة بالذات ،قد أخذوا يقلبون للعرب ظهر المجن ، بعد أن نجحت جمعية الاتحاد والترقي _التي انضم إليها الكثير من أحرار العرب _بإعلان الدستور ثم بإسقاط الحكمالحميدي الإرهابي فقاموا بحركة التتريك المشهورة لصهر العنصر العربي في البوتقة الطورانية ،
ولكن المساعي التي بذلت للتخفيف من أثرالصدمة العنيفة التي سببتها هذه الحركة في نفوس العرب قد أسفرت عن تعين)))سامي باشا الفاروقي((( قائداُ للحملةالمشار إليها!!.
في الحقيقة كان الاعتقاد السائد في الجبل يومئذ بأن سامي باشا سيعاملنا بإنصاف وعدل لأنه ينتمي إلى العرب ، ويتصل نسبه كما هو معروف بالخليفة الراشدي عمر بن الخطاب الذي اشتهر بعدله ونزاهته وسمو أخلاقه ومن جهة ثانية ، ولولا هذا لاعتقاد لكنا حاربناه قبل دخوله السويداء وتحصنه في قلعتها الكبيرة
من أخوكم عثمان صعب ارق التحيات
إلى لقاء مع الجزء الثالث
لنرى كيف قام سامي باشا بالغدر
وكيف تصدوا له الضياغم الاحرار
يتبع.....................................
المرجع: مذكرات المغفور له الموثقة بتوقيعه رحمه الله
منقول من منتدى الجبل